
شاكيه صادق
لم تكن شاكيه صادق تعلم أنّ زجاج المنزل التي تقطن فيه سيخدعها يوماً ما وأنّ المرفأ الذي تجاوره في مسكنها سيغدر بها. إبنة الخامسة والثّمانين، وُلدت في بيروت –المدوّر، تزوّجت وأنجبت ولداً وفتاة، وكرّست حياتها لتربيتِهما على الصّلاة وعملُ الخير.
شاكيه كانت امرأة مؤمنة جّداً، لم تفارق مسبحة الورديّة معصمها إلا في ما ندر. وكانت إضافة إلى الصّلاة تكثر من الأعمال الخيريّة بحيث أفنت حياتها في مساعدة الغير عن طريق الجمعيّات الخيريّة وغيرها. يوم انفجار ٤ آب، كانت شاكية في منزلها التي تقطنه منذ سنوات في منطقة مار مخايل - بيروت مع مساعدتها من التّابعية الأثيوبيّة.
أمضت ساعات الظّهر وما بعده مع ابنها. يومها كانت الضّحيّة تردّد أنّها ترى دماء، وكأنّها كانت على دراية بما سيحصِل. تركها ابنها عائداً إلى أنفه الشّمال، حيث يقضي والعائلة الإجازة الصّيفيّة.
عندما وقع أول انفجار، هرعت الضّحيّة إلى النّافذة علّها تعرف ما حدث، لكن قوة الانفجار الثّاني أسقطت الزّجاج، الأمر الذي سبّب لها شطوباّ وقطع وريدها. لم يعلم نجلها بالانفجار إلّا بعد وصوله إلى أنفه، كانت الأخبار ما تزال غير دقيقة: اعتقد في بادئ الأمر أنّ التّفجير في بيت الوسط، وحتى عندما تأكّد أنّه في المرفأ لم يخطر بباله إن يكون الانفجار قويّاً وأنّه أودى بحياة شاكية.
وعند اتصاله برقم المنزل بعدما حاول عبثاً الاتّصال بهاتف أمّه، سمع صراخ المساعدة المنزليّة وأنين شاكية. سارع عندئذ إلى الاتّصال بسائق والدته الخاص، فلم يجب، كان قد أصيب وزوجته الحامل وأمّه جرّاء التّفجير.
أدرك الابن الذي عاد أدراجه إلى بيروت خطورة الوضع، الأمر الذي دفعه إلى الإتصال بالعديد من المعارف علّ أحدهم يصل قبله وينجد والدته التي كانت تصارع الموت، فلبّى العديد منهم نداءه لنجدة شاكية. حاول بعض الجيران نقلها إلى مستشفى الرّوم لإسعافِها ولكنّ المستشفى كانت قد تعرّضت لأضرار جسيمة جرّاء الإنفجار. سائق خالته تمكّن من الوصول قبله وحين وصل هو، كانت شاكية قد لفظت أنفاسها الأخيرة.
ㅤ
ㅤ