نوال عطيّة

هي العنوان للعطف والحنان والمرح. تُحبّ النّاس كافّة، تضحك وتمزح. كانت تقضي مع شقيقتها الكبرى آمال فصلي الرّبيع والصّيف في بيتهما القروي في محمرش ( قضاء البترون) وتهرُبان من قساوة الشّتاء إلى منزل أخيهما في بيروت أو أختهما في المنصوريّة.

نوال التي لم تتزوّج لتكون أمّاً، أغدقت حنانها على أولاد إخوتها الخمسة . كانوا يتّكلون عليها في كلّ الأمور، هي الماهرة في الطّبخ وصاحبة البصمة المميّزة في التّرتيب المنزليّ، علاقتها مع محيطها وعائلتها خليط من المحبّة والمودّة، كيف لا ونوال التي اعتاد أهلها على تسميتها بإسم "نونو" هي مصدر الدّلال لأولادِ إخوتها، والمنشغلةِ دائماً بأحوالِهم ومشاكلهم، والكاتمةِ لأسرارِهم، والحريصةِ عليهم ترافقهم بدعواتها لهم بالتوفيق والأمنيات؟

يوم الأحد 2 آب نقل الصّليب الأحمر اللّبناني نوال من بلدتها إلى مستشفى القدّيس جاورجيوس في الأشرفيّة حيث أظهرت الفحوصات الطّبيّة أنها تعاني من نزيف داخلي في الأمعاء، وخضعت ليلاً لعملية دقيقة استوجبت نقلها إلى غرفة العناية المركّزة، كونها تعاني من عدم انتظام ضربات القلب، وقد زُرع لها في السّابق جهاز لتنظيم الضّربات pacemaker.

إلّا أنّ حالتها استقرّت واستعادت وعيها ولم تعد بحاجة للأوكسيجين. يوم الرّابع من آب عند الخامسة عصراً، زارتها شقيقتها التي عادت وغادرت إلى منزل أخيها، تاركة نونو وحدها لكي تنام.

وقع الانفجار السّاعة السّادسة وسبع دقائق . منزل أخيها القريب من المستشفى، حالة من الخوف والقلق سيطرت على ذوي نوال الذين اتّصلوا بصديق يعمل في المستشفى للإطمئنان عليها، لكنهم لم يتلقوا أيّ جواب عن نوال بسبب الفوضى التي حصلت ساعة الانفجار. توجّهت ابنة أختها إلى المستشفى فوجدتها قد فارقت الحياة في سريرها بعدما توقّف قلبها المتعب نتيجة الانفجار، حسب ما ورد في وثيقة الوفاة.

نوال رحلت بسرعة من دون وداع، تاركة فراغاً لا يُعوّض خصوصاً لدى شقيقتها آمال القريبة منها جداً. تتزاحم الأسئلة لدى إخوتها وأبنائهم عمّا شعرت به نوال قبل أن تُسلم الرّوح، متمنين أن تكون قد استسلمت للنّوم، ولم تسمع دوي الانفجار الذي هز لبنان وصولاً إلى قبرص.

أُخليَ المستشفى المدمّر من المرضى، ونُقلت جثّة نوال إلى مستشفى بعبدا ومنها إلى كنيسة مار روكز في قريتها التي كانت مصرّة أن تزورها بعد خروجها من المستشفى. وشاء القدر أن يُحقّق لها أمنيتها.

Arabic