سامي سليم

لم تكن حياة سامي سليم سهلة، وجاء الرابع من آب ليراكم مآسي وضعه الصحي.

ولد سامي في منطقة بعبدا في الأول من كانون الأول ١٩٤٢، مُتزوج ولديه خمسة اولاد. وعلى الرغم من أن لديه إعاقة منذ ولادته (رجل أقصر من الثانية) إلا أنها لم تمنعه من العمل وإعالة عائلته. بدأ مسيرته المهنيّة باكرًا في البناء وقد تفنن في العمارة، قبل أن يأخذ قسطًا من الراحة في العقد الرابع من عمره ويُكرّس وقته لعائلته.

خلال حياته، خضع سامي لعملياتٍ جراحية عدّة منها زراعة أسياخ من فضة في رجله اليمنى، إلاّ أنها لم تفِ بالغرض، ولسوء حظه فقد تعرّضت رجله نفسها إلى ست كسور متتالية، فلم يكن هناك من حلول سوى المضي بالحالة التي وصل لها والإتكال على رجله اليسرى في حال أراد المشي، يستعين بالعكازة التي باتت رفيقة دربه.

يوم الرابع من آب، كان سامي في منزله الكائن في منطقة الكرنتينا، شعر بالملل جراء جلوسه المتواصل في داره، فخرج واتخذ من زاوية الشرفة مكاناً للجلوس والتأمل. بدأ يسمع أصوات مفرقعاتٍ تتصاعد رويدًا رويدًا من المرفأ. في البداية ظنّ، وكما جرت العادة، أنّ حريقا اندلع في المرفأ وسيصل من يخمده، نعم هكذا ظن الجميع!

لم يُنهِ الفكرة التي تراوده حتى انفجر العنبر، و طار أمتارًا إلى داخل منزله، بعد أن قذفه الإنفجار... لحظات وقف فيها الزمن، كل ما رآه هو "غبار وزجاج كزخات المطر يعم منزله، الأبواب والنوافذ عُراة، أثاث المنزل؟ عن أي أثاث أتحدث، لا شيء في مكانه، وهكذا كان الجميع، في حيرة من أمرهم! قصفت اسرائيل أم أن زلزالاٍ فتك ببيروت!؟"

بدأ سامي بالصراخ، يستنجد بإبنته حمدة التي كانت تستحم، فأخذت المبادرة بنفسها وطلبت المعونة لنقل والدها المصاب من الطابق الثالث الى الطابق الارضي. يذكر سامي جيدًا انّ مجموعةً من شباب الحي قدمت وضمدت جراحه.

وهكذا مضت الايام و بدأ سامي يلتمس أوجاعه، وهو الذي كان معروفاً بقوة سمعه الا أن انفجار بيروت أفقد نسبة 90% من هذه الحاسة الأساسية مسبباً له دوخة شبه دائمة. الى ذلك، بدأ ترقرق العظام ينخر جسده، ورئتاه تمتلئان بالماء ومع الضغط وقلة الحركة بدأ يعاني من مرض السكري اللئيم رافقته مشكلة فقدان الذاكرة. والجدير ذكره أنّه بات اليوم مُعوقاً حركياً يستعمل كرسياً متحرّكاً في تنقلاته.
سامي ذو الثمانية عقود، لم ينس الجمعيات والمنظمات التي قدمت له المساعدة ورممت منزله. تقول ابنته إنّ وضع والدها الصحي كان أفضل بكثير، كان يخدم نفسه بنفسه، وليس بحاجة لمساعدة، أما اليوم فقد تراجعت حركته وباتت أسوأ مما كانت عليه، وسمعه كذلك، كما يصعب عليه التحدث بسبب فقدان ذاكرته."

تنهي كلامها لتقول:" كل ما يتمناه والدي هو أن يخرج للمشي ولو قليلاً، كما يطلب من وزارة الصحة تأمين الرعاية والأدوية له بعد أن تعذّر على الجمعيات توفيرها له."

arArabic