قبل خمسة وثمانين عاماً وُلدت ناديا بشير ابنة بلدة دوما في قضاء البترون. في عز ورفاهيّة عاشت حتّى اليوم الأخير من حياتها قبل أن تعانق الغياب. وجهها الملائكيّ لم يأكل العمر من نضارته، بقي كإشراقة الصّباح حتّى اللّحظات الأخيرة، قبل أن تمضي بلا سؤال ولا جواب. من عرف ناديا بشير سيّدة المجتمع الرّاقية عرف خطواتها الملهوفة ليل نهار لمساعدة المحتاجين الذين كانت تبحث عن وجوههم وتحاول أن تنقلهم إلى رحاب الطمأنينة والحياة.
بسرعة احمرّ خدّا ناديا عندما جاءها فريديرك عارضاً عليها ان يعطيها من قلبه بلا حدود. كان فريدريك بدراً في حياة ناديا: استراحت في بستانه بحبّ وهناء قبل أن يختفي من دائرة الضّوء. انقضّت عليه طيور بريّة في زمن الحرب الأهليّة، فضاع في لجّة الموت.
غاب فريديرك تاركاً لناديا أطفالاً ثلاثة ونهراً من الدّموع والألم. بسرعة لملمت ناديا مصيبتها، وأدركت أنّه يجب عليها أن تكون لأطفالها أكثر ممّا يجب أن تكون لنفسها، فسهرت على تربية أولادها وكانت بالنّسبة لهم كالماء في الحياة. كانت نادْيا بارعة في فكّ شيفرة كلّ الوجوه الملتبسة وإدارة شؤون ما تركه زوجها من بعده.
Nadia had a talent for depicting people’s true colors, and was thus responsible for the management of her late husband’s business.
في حضورها في المجتمع كانت سيّدة الكلمة الأنيقة. أصْدقاؤها ومعارفها لم يصدّقوا حتى اليوم أنّ هذه كانت نهايتها، وأنّ جسدها ووري في التّراب في لحظة لونها الغبار، ورقص فيها الذئب على رصيف البحر.
On august 4, Nadia was in her hospital bed. She was recovering from a fatigue… She woke up that morning looking better. She didn’t know that a few hours later, everything will turn into a bloody war zone.
موت ناديا بالطّريقة التي ماتت فيها اعتبره أهلها فيه الكثير من الهوان. نُقلت إلى مستشفى آخر من دون إعلامهم بالأمر، وبإسم آخر ومن دون إرفاق ملفّها الطّبي معها. ما جعل الاطبّاء في المستشفى الذي نُقلت إليه عاجزين عن تقديم ايّ علاج لها، فكان أن دخلت في غيبوبة تامّة استمرت خمسة أيّام لتغيب بعدها كما تغيب الوردةُ في الإناء.